في كل مرة نتحدث فيها عن الإدمان، نركّز دائمًا على العلاج، وعلى كيفية إخراج الشخص من الأزمة… لكن السؤال الحقيقي هو: لماذا ننتظر حتى يسقط؟ لماذا لا نعمل على أن نمنع السقوط من الأساس؟
الوقاية ليست مجرد منشور على فيسبوك أو محاضرة في مدرسة. الوقاية الحقيقية تبدأ من البيت… من الكلام الذي نقوله لأولادنا، من طريقة احتوائنا لهم، ومن ردود أفعالنا وقت الخطأ.
في “ريلايف”، نحن مؤمنون بأن الوقاية ليست شعارًا… الوقاية عمل يومي يبدأ من التربية، من التعليم، من الإعلام، من الشارع… ومن كل مكان في المجتمع.
الشاب الذي يقع في الإدمان لا يستيقظ فجأة ليأخذ القرار… غالبًا ما يكون قد مر بمراحل من الوحدة، من الاكتئاب، من الضغط النفسي الذي لم يفهمه أحد، من شعور دائم بالرفض أو الفشل أو العزلة.
الوقاية هي أن نمد أيدينا في هذه المرحلة، لا حين يحتاج إلى علاج، بل حين يحتاج فقط إلى أن يسمع كلمة: “أنا أراك… ولست وحدك.”
لنكن واقعيين…
الشباب اليوم تحت ضغط غير طبيعي: عليهم أن ينجحوا، ويعملوا، ويرضوا الجميع، ويواكبوا كل شيء، وفي وسط كل ذلك لا يجدون مساحة للتعبير عن خوفهم أو تعبهم أو ضعفهم.
وعندما يضعفون، تكون الحلول المتاحة أمامهم للأسف سريعة وخطيرة.
فماذا نفعل إذًا؟
نبدأ بتعليم أولادنا منذ الصغر كيفية التعبير عن مشاعرهم.
نقول لهم إن البكاء ليس ضعفًا، وإن الفشل ليس نهاية الطريق.
نخلق لهم مساحات للاستماع والفضفضة.
نتحدث معهم عن الإدمان بلا خوف أو وصمة.
نضعهم أمام الحقيقة دون تهويل، ولكن أيضًا دون تهاون.
وفي المدارس، يجب أن تكون هناك توعية حقيقية لا تعتمد على التخويف، بل على الفهم… نفهم الأولاد أن الإدمان ليس مجرد شيء “سيئ”، بل هو نتيجة لألم داخلي تُرك دون علاج.
وفي الشارع، وفي الإعلام، يجب أن نعيد رسم صورة المدمن… لا كمجرم، بل كإنسان يحتاج إلى مساعدة.
يجب أن نكسر الصورة النمطية، ونبني بدلاً منها وعيًا مجتمعيًا يتكافل بدلاً من أن يحكم.
“ريلايف” لا تعالج فقط من وقعوا، بل تعمل أيضًا على الذين لم يصلوا بعد… نحاول الوصول إلى البيوت، والمدارس، والناس في بداية الطريق، ونقول لهم: “نحن معكم… قبل أن ينحرف الطريق.”
الوقاية ليست ترفًا، الوقاية حق… ومن حق كل إنسان أن يعيش في بيئة تحميه، وتعلمه، وتدعمه.