عندما نسمع كلمة “مدمن”، يتبادر إلى أذهان البعض صورة نمطية لرجل فاشل، بلا إرادة، اختار تدمير نفسه بوعي كامل، وجعل من إدمانه ذريعة لتدمير أسرته، مستقبله، وكل من حوله.
لكن الواقع – كما نراه يوميًا أبعد ما يكون عن هذه الصورة.الإدمان لا يبدأ بلحظة ضعف أو متعة. الإدمان يبدأ من مكان أعمق بكثير:من تراكم سنوات من الألم،
من صمت طويل تجاه الجروح النفسية،من تجاهل مشاعر دفنت تحت السطح.
ويبدأ أحيانًا من غياب شخص يسمع… دون أن يحكم.
المدمن مش ضعيف، بل أحيانًا هو من أكثر الناس محاولات للمقاومة… لكنه فقد قدرته على الاحتمال.
أغلب المدمنين اللي قابلناهم في ريلايف ما بدأوش طريقهم بدافع الرفاهية، لكن هربًا من شعور موجع حقيقي، وثقيل حسّوا إنهم مش قادرين يواجهوه لوحدهم.
الإدمان مش اختيار، لكن التعافي هو.
في ريلايف، إحنا مش بنشوف “مدمنين” كفئة منبوذة أو كحالة طبية معزولة… إحنا بنشوف بشر:
ناس محتاجة تفهم نفسها قبل ما يطلب منها حد يتغير.
ناس بتحاول بكل الطرق تبطل الهروب، بس محتاجة حد يمسك بإيديها وقت ما تقع، مش يلومها على إنها وقعت.
من التجارب اللي شفناها، أغلب خطوات التعافي ما بتبدأش من الدواء أو البرامج العلاجية، لكنها بتبدأ من لحظة صادقة جدًا، لحظة بيقرر فيها الشخص يقول لنفسه:
“أنا تعبت من الهروب… أنا عايز أرجع لنفسي.”
اللحظة دي مش سهلة.
مش كل الناس تقدر توصل لها، لأن المجتمع أحيانًا ما بيسيبش فرصة للمدمن إنه يقول “أنا تعبان” بدون ما يسمع ألف حكم وألف وصمة.
وهنا بييجي دورنا.
إحنا في ريلايف ما بندّيش وعود زائفة، ولا بندّعي إننا نملك عصا سحرية.
إحنا بس بنختار نمشي مع كل شخص بيحاول…
نسمعه، نحترم تجربته، ونساعده يفتح باب الرجوع لنفسه، مش الرجوع لصورة المجتمع المثالية.
إحنا مش بنصلّح الناس… إحنا بنمشي معاهم، خطوة بخطوة، لحد ما يشوفوا صورتهم الحقيقية بعيدًا عن وصمة “مدمن”، وقريبًا من حقيقتهم الإنسانية اللي تستحق تفهّم، مش إدانة.